الأحد الثاني بعد الصليب للأب إياد الياس غانم نص الإنجيل: لوقا 13 / 1 – 9 نص الرسالة: 1 كورنثوس 1 / 18 – 31 1- وَكَانَ حَاضِرًا فِي ذلِكَ الْوَقْتِ قَوْمٌ يُخْبِرُونَهُ عَنِ الْجَلِيلِيِّينَ الَّذِينَ خَلَطَ بِيلاَطُسُ دَمَهُمْ بِذَبَائِحِهِمْ. 2- فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: "أَتَظُنُّونَ أَنَّ هؤُلاَءِ الْجَلِيلِيِّينَ كَانُوا خُطَاةً أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ الْجَلِيلِيِّينَ لأَنَّهُمْ كَابَدُوا مِثْلَ هذَا؟ 3- كَلاَّ! أَقُولُ لَكُمْ: بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذلِكَ تَهْلِكُونَ. 4- أَوْ أُولئِكَ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ الَّذِينَ سَقَطَ عَلَيْهِمُ الْبُرْجُ فِي سِلْوَامَ وَقَتَلَهُمْ، أَتَظُنُّونَ أَنَّ هؤُلاَءِ كَانُوا مُذْنِبِينَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ السَّاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ؟ 5- كَلاَّ! أَقُولُ لَكُمْ: بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذلِكَ تَهْلِكُونَ". 6- وَقَالَ هذَا الْمَثَلَ: "كَانَتْ لِوَاحِدٍ شَجَرَةُ تِينٍ مَغْرُوسَةٌ فِي كَرْمِهِ، فَأَتَى يَطْلُبُ فِيهَا ثَمَرًا وَلَمْ يَجِدْ. 7- فَقَالَ لِلْكَرَّامِ: هُوَذَا ثَلاَثُ سِنِينَ آتِي أَطْلُبُ ثَمَرًا فِي هذِهِ التِّينَةِ وَلَمْ أَجِدْ. اِقْطَعْهَا! لِمَاذَا تُبَطِّلُ الأَرْضَ أَيْضًا؟ 8- فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: يَا سَيِّدُ، اتْرُكْهَا هذِهِ السَّنَةَ أَيْضًا، حَتَّى أَنْقُبَ حَوْلَهَا وَأَضَعَ زِبْلاً. 9- فَإِنْ صَنَعَتْ ثَمَرًا، وَإِلاَّ فَفِيمَا بَعْدُ تَقْطَعُهَا". التأمل إنه الأحد الثاني بعد ذكرى ارتفاع الصليب المقدس، حيث لا نزال أمام هذه الصورة المقدسة لصليب احتوى على خشبتين، الأولى منهما عمودية تربط الأرض بالسماء، الإنسان بالإله، المخلوق بالخالق، رمزاً لسر المصالحة الكبير الذي حققه السيد المسيح بين سكان الأرض ومن هم تحت الأرض (الشيول: الجحيم), وبين السماء ورب السماء. أمّا الثانية، فهي الصلة الأفقية بين الإنسان والإنسان، والتي حقّقها السيد المسيح لكي يتصالح الإنسان مع نفسه ومع أخيه الإنسان، وهكذا يصبح الصليب المقدس ببعديه العمودي والأفقي سر ترميم العلاقة بين الإنسان والإنسان، والإنسان والإله في شخص يسوع المسيح، محور الأرض والسماء. ونصّ إنجيلنا لهذا الأحد المبارك، يحتوي على حدثين تاريخيين وهما: بيلاطس وأهل الجليل، والعاملين في سلوام والبرج الذي سقط عليهم. القصة هي أنّ بيلاطس قتل أولئك الجليليين لأنّه ظنّ أنهم ثائرون ضد روما. ومن سقط عليهم البرج في سلوام فربّما كانوا يحفرون قناة مائية للرومان. أما الفريسيّون وقد كانوا يقاومون استخدام القوة في التعامل مع روما كانوا يقولون إن الجليليين استحقوا الموت لعصيانهم، والعاملين في سلوام استحقوا الموت بسبب ذنبهم. كثيراً ما ندخل بهذه اللّعبة في حياتنا فنعزو أسباب كوارث تصيب البعض منّا إلى ذنوبهم، أي فلان حُرق أو كُسر أو قُتل أو فشل لأنه ارتكب تلك الخطيئة أو اقترف ذلك الذنب، وهذا ليس من شأننا يا أحبّا. وإلاّ أتت فئة تدعى "الغيورون"، وهم جماعة من الفدائيين المقاومين لروما فيقولون لنا كما قالوا للفريسيين: إنه لا الجليليون ولا العاملون بالقناة المائية استحقوا الموت، فهم غير ملومين على هذه الكارثة. إنّها دعوة لكلّ إنسان كي ينتظر يوم دينونته ويريح نفسه من التدخل في دينونة الآخرين لأنّ هذا ليس من شأنه، فلا الموت ولا الحياة مقياساً للبر، وكلّ إنسان لابد أن يموت لأن هذا جزء من الطبيعة الإنسانية. أمّا الفكرة الثانية، فتدور حول مثل التينة غير المثمرة والتي كنّا قد تحدثنا عنها بكلمات قليلة في تأملنا السابق. لقد كانت الشجرة المثمرة في العهد القديم تعتبر رمزاً للحياة الصالحة (مزمور 1 / 3). أمّا تينة اليوم في نصنا فقد استهلكت وقتا ومكاناً وعملاً ولم تعطِ بعد ثمراً للبستاني الصبور. وهي رمزٌ للإنسان الذي لا يعمل ولا يجتهد ولا يثمر ومن ثَمَّ بات من الضروري معالجته وإعادة تأهيله. وهنا لابد من وقفة تأمليّة في سر حب الله للإنسان الخاطئ، إذ يمنحه فرصاً عديدة ومتكررة ولانهاية لها من أجل أن يتوب ويعود إلى حضن الآب لأنّ الله يحب الخاطئ ولكنّه يكره الخطيئة. يا ليتنا نتعلم من أبينا السماوي أن نمنح الفرص لبعضنا البعض كي لا نسرع في الأحكام على بعضنا، لأنّ كل واحد منا بحاجة أحيانا إلى فرصة أُخرى للتعبير عن نفسه وعن ظرفه، ففي عمق كلٍّ منا شيء جميل والجميل أيضاً أن نساعد الآخر لكي يُخرج هذا الجميل الذي عنده وذلك بنثر بعض الأسمدة المكونة من حفنة تشجيع... وباقة أمل... ونسمة محبة... وعندها نكون قد حقّقنا رسالة الصليب القائمة على المحبة وعلى السلام، والسلام لكم ولنا وللوطن ولأبناء الوطن أجمعين... آمـــــيــــــــــــــــــــــــن.
|